تداعيات الحرب السودانية
أيمن دراوشة
—————————————————————
منذ اندلاع الحرب السودانية التي تسبب بها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فقد تم قتل المئات وتهجير الألوف من بلادهم ومنازلهم، مما تسبب في أزمة إنسانية عاصفة، وحراك عالمي لوقف هذا النزيف الداخلي.
وكان الطرفان المتنازعين قد اختلفا على خطة دولية طالبت ببدء عملية انتقال جديدة للأطراف المدنية، بحيث يتخلى كلا الطرفين عن الحكم مع دمج القوتين معًا. مما أشعل فتيل الحرب الضارية على أرض السودان، ومن أسباب الخلاف التوقيت الزمني لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة النظامية والمسألة الأخرى في الخلاف هي توقيت وضع الجيش تحت الإشراف المدني.
وسبق الحرب تبادل الاتهامات بين الطرفين من محاولة السيطرة على الخرطوم والاستيلاء على السلطة؛ ليندلع القتال مخلفًا تلك الخسائر الجسيمة على الطرفين من جهة وعلى الشعب السوداني من جهة أخرى.
إنَّ الصَّراعات على السلطة في أي دولة في العالم، لا شك أنها ستخلف دمارًا لا حدود له ولا دين، ألوف القتلى مقابل اثنين هما طرفا الصراع على الكرسي، وإذا حدث الصراع، فلنعلم علم اليقين أنَّ من يريد مصلحة البلاد والعباد لا يتسبب بتلك الحروب من أجل مناصب زائلة حتمًا مهما طال الزمن، وكان باستطاعة الطرفين الدمج سوية دون تدخل أطراف دولية أخرى، ويحصلان على مكاسب ترضي الطرفين، واللجوء إلى الانتخابات النزيهة لحل مشكلة من يتولى السلطة، لا أعتقد أنَّ هذا صعبًا بدلًا من تشريد الألوف وقتل مئات من الأبرياء، وتخريب الوطن بأيدي ودماره بأيدي أصحابه.
كلنا يعرف أنَّ الحرب الأهلية لأشد فتكًا من الحروب الخارجية، خاصة عندنا – نحن العرب – مع الأسف الشديد، وإضافة إلى ذلك طولها الزمني مقارنة بالحروب الخارجية.
كما أنَّ دخول حركات وفصائل أخرى في الصراع، سيؤجج من سعير الحرب، ويطيل من أمدها خاصة أنَّ كل طرف متمسك بمطالبه دون أي تنازلات؛ وهذا يعني المزيد من القتل والمزيد من الخراب والدَّمار.
إنَّ السودان البالغ عدد سكانه 46 مليون والذي عاش فترة طويلة من الحكم الاستبدادي والقهر والعزلة الاقتصادية، حيث عقد هذا الشعب آمال كبيرة على الانتفاضة الشعبية ضد التناحرات القبلية والحكم الاستبدادي والصراعات الداخلية في عهد البشير، مما يعني تبدد تلك الآمال وقتلها بسبب النزاع الحالي الذي سيتسبب بإضرابات غير محمودة، وإلى توليد العديد من الصراعات بدخول فصائل جديدة إلى طرفي النزاع، أي بمعنى آخر إن جاز لي التعبير حرب عالمية محلية.
ولا يغيب عن أذهاننا تدخل القوى الكبرى مثل أمريكا وروسيا في الصراع، فهذا يؤيد طرفًا، والآخر يعارض طرفًا، مما سيزيد من خسائر السودان في الممتلكات والأرواح ومؤسسات الدولة.
الأطراف الدولية والتي تسببت بثورات الربيع السابقة لن تقدم شيئًا للأطراف المتنازعة طالما مصالحها لم تتأثر، وحسب تجارب سابقة فدول الثورات التي أسقطت حكامها تركت هائمة على وجوهها تتصارع على السلطة دون أي نتيجة إيجابية للثورات، بل لم يسفر عن الثورات سوى قتل الشعوب وتفقيره وإنهاكه اقتصاديًا، وبالتالي دولة ضعيفة منهكة لا حول لها ولا قوة.
لا أعتقد أن الحرب ستجدي نفعًا في بلد أنهكته النزاعات الداخلية، وأطاح به وضعه الاقتصادي الهزيل، وبلد يعتمد على المساعدات لتوفير الغذاء لمواطنيه، كما أنَّ الوساطات الخارجية لن تفعل شيئًا في تهدئة الأوضاع المتردية، وفي رأيي أن حلَّ الأزمة لا يكون إلا من خلال الداخل العربي دون تدخل أطراف خارجية، سوى ذلك فالحرب مستمرة، والصراعات في ازدياد.