[X]إغلاق

العقاب الأبدي …… و العفو المرتجي

شارك الخبر معانا

 

بقلم / مى غانم

الخطأ و العصيان جزء من الفطرة التي فطرنا الله عليها ، الخطأ هو الجانب الذي لايمكن إغفاله أثناء رحلة الحياه ، فإن لم تخطئ ،لا أهميه لوجودك بالحياه ، الحياه بلا أخطاء كالبحر بلا أمواج ساكن وهادئ دائما ليس به جديد ، أشبه بالماء الراكد الذي يعتبره البعض آمنا إلا إنهم لا يحبذون المكوث داخله ، لما يحويه من ملل وما يفتقده من روح وحياه .

قد يكون الخطأ الذي اقترفته ، يختلف عما قمت به ، قد تكون خطيئتك أكبر من وسع خيالك ، وقد تكون أصغر من أنمله إصبع ، علي رغم من إختلاف حجم الخطيئة إلا أنها تظل تحتفظ بصفتها كخطيئة ، قد يكون ذلك الخطأ بداية لمرحلة أكثر نضجا ، بداية لحياه جديدة إشراقاتها تبهر الناظرين من حولك قبل أن تسر عينك أنت ، وأحيانا تكون ضريبة معصية قد حان الأوان لمحوها من صحيفتك ، أو جزاء لما سببته من ألم لنفسك وللآخرين .

قد تختلف مسببات الأخطاء إلا أن ما نتفق عليه جميعا ، هو السعي وراء طلب العفو والمغفرة عما بدر منا سلفا و تحقيق الوعود بألا نعود لتكرار الخطأ ، إلا أن كثيرا ما تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، فكثيرا ما يصبح خطأك ملتصق بك إلتصاق الجنين برحم الأم ليس ذلك فحسب بل يصبح كالليل الذي ينشر رداءه حتي يغطي من حوله جميعا بالظلام ، ليس لذنب اقترفوه بل لأن الظروف قادتهم لأن يكونوا بدائرة المخطئ .

كثيرا ما نخطأ ولا نجد من يقبل توبتنا سوي الغفور الرحيم ، الذي خلقنا وفطرنا ، أما العباد الذين لا يملكون لأنفسهم بنت شفه من نفعا أو ضررا ، فتجد قلوبهم أشد قسوة من الحديد ، ونظراتهم تهوي كالسياط علي جسد المخطئ ، فيقف عاجزا لا يقوي علي تجاهلهم والعيش بينهم مع تلك النظرات ، نظرات الإزدراء التي تلقاها بينهم ، فيصبح ملاذك الأخير العودة للخطأ الذي فررت منه ، الذكري الذي حاولت جاهدا محوها من ذاكرتك ، إلا أنك لم تجد سواه فاتحا ذراعيه لك ،يحتضنك ليكون المأمن لك ممن لفظوك ، فيحتضنك خطأك مرة أخرى ويهوي بك إلي الهاوية لتعود أسيره من جديد ويسدل الستار علي حياتك فلا تري من ملامحها سوي المجهول المظلم .

نصدر أحكاما علي بعضنا البعض بشئ من القسوة يفوق قسوة العواصف علي الرضيع ، فالسارق ، المدمن ، الغارم ، القاتل جميعهم لدينا سواسيه ، نصدر حكم الإعدام عليهم جميعا قبل النظر إلي خطيئتهم ، فمن مكث داخل أسوار السجن يوم واحد ، نصدر حكما ضده بأن يظل قابعا داخلها إلي الأبد .

الشئ الذي لا نرعي له إهتمام ،ولا نفكر في النظر إليه ، هو أننا نرتكب جرائم أقسي و أفظع مما ارتكبوها ، فنحن ننهي حياه من يخطئ فقط لأنه أخطئ ، وفي الوقت ذاته ، إن لعبت الأقدار بدورها و انزلقت بك الحياه إلي الهاوية ووقعت في الخطأ ، حينها تتمني أن تجد من يشد عضدك ، ويساندك للتغلب علي خطأك ، والبدء من جديد ،حياه سعيدة بعيدا عن ذلك الخطأ.

جميعنا يشارك في إزدياد الجرائم والحوادث ، فالأب الذي قادته الظروف للإختلاس وتمت معاقبته ، حين يعود للحياه راجيا سبيلا للرزق الشريف ،ويجد الجميع يلفظه ويبغته ، لن يجد له ملاذا سوي العودة للنهب والسرقة ولكن بشكل أفظع انتقاما لظلم المجتمع له .

الشاب الذي أدمن في يوما ما ، ثم عاد لصوابه محاولا البدء من جديد بعيدا عن براثن الإدمان التي تفتك بمن يقع بها ، يتسلق البئر الذي انزلقت قدمه داخله محاولا الصعود إلى السطح ، راسما في خيالاته الحياه الهادئة السعيدة ، والبداية التي طالما حلم بها أثناء صراعه مع وحش الإدمان ، يتغلب علي ضعفه ويتحامل علي نفسه حتي يصعد للقمة وسطح ذلك البئر المظلم ، ليجد من هم أشد وحشية ، ويتفاجئ بمن براثنهم أشد شراسة من براثن الإدمان الذي طالما حاربه حتي انتصر عليه ، إلا أن تلك البراثن البشرية تفتك بكل إشراقه أمل داخله، وتنال من كل نقطة قوة حاول الحفاظ عليها .

يصبح هائما علي وجهه يرغب في نظرة تعاطف ، بسمة حانية ، حضن آمن ولم يجد سوي وحش الإدمان الذي يستغل ذلك الضعف وينتشله ويلقي به إلي الجحيم من جديد .

فذلك المشهد المؤلم يتكرر كل يوم ،كل ساعة ،بل وكل لحظة ، تنال الجرائم ممن حولنا ما تنال ، فحين يكشر المجتمع عن أنيابه إبان من يخطئ ، تفتح أبواب الجرائم أبوابها علي مصرعيها راغبة في المزيد من الضحايا الذي يزج بهم المجتمع ويلفظهم ، ليعودوا أكثر إجراما ، وأشد قسوة ،ناقمين علي المجتمع الذي أصدر حكما بإعدامهم وهم لا يزالون علي قيد الحياة ، لمجرد خطأ اقترفوه يوما ، فيوجهون السهام في قلب المجتمع ،تلك السهام التي وخذ بها المجتمع حياتهم و آمالهم ومستقبلهم فيصبحون أمواتا علي قيد الحياة ينتظرون الموت الذي سيحنو عليهم و يأخذهم بعيدا عن قلوبا لا ترحم ، وعيونا لا تري سوي الخطأ والذنب.


شارك الخبر معانا

عن عبد الرحيم السمان

موبايل بين       -          ترافيل بين        -        فيزتك        -      تموين مصر          -             كورة بين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

” شُكْرًا سيدي الرئيس “

شارك الخبر معانا بقلم د / احمد ابوغنيمة عبد الغنى الباحث في الشئون السياسية والاقتصادية ...