بقلم / رحاب مجدى
ذكريات وطقوس وعادات شهر رمضان لها وقع خاص فى عقل ووجدان المصريين حيث يحظي الشهر الكريم على مدار التاريخ باهتمام بالغ من الناس إعدادا وتجهيزا واستقبالا . كما أن تلك العادات والتقاليد والذكريات سجلتها روايات واعمال مشاهير الأدباء وفى مقدمتهم نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويحيى حقى وإبراهيم عبدالمجيد وغيرهم .
المسحراتى ، المدفع ، الكنافة ، القطائف كلها عادات ارتبطت بشهر رمضان مزجها الشعب المصرى وتوارثها جمعيها لتصبح عادات أساسية فى شهر رمضان الكريم ، وتذخر الثقافة المصرية بعادات رمضانية امتدت لسنوات لا حصر لها تبادلها أهل مصر وشبوا عليها منذ مئات السنين .
رمضان في حياة المصريين :
ما ان يبدأ بيان دخول الشهر وثبوت رؤية الهلال ، حتى يتحوّل الشارع المصري إلى ما يشبه خلية النحل ، فتزدحم الأسواق وتزدان الشوارع ، وتنشط حركة التجارة بشكل ملحوظ لتوفير اللوازم الرمضانية المختلفة وينطلق الأطفال في الشوارع والطرقات حاملين معهم فوانيس رمضان وهم ينشدون ” حلّو يا حلّو ” وعبارات التهنئة تنطلق من ألسنة الناس لتعبّر عن مشاعر الفرحة بقدوم الشهر الكريم .
الفانوس فى رمضان :
فانوس رمضان أحد المظاهر الشّعبيّة الأصيلة في مصر، إستخدم الفانوس فى صدر الإسلام في الإضاءة ليلاً للذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب ، وقد تحول الفانوس من وظيفته الأصلية فى الإضاءة ليلاً إلى وظيفة أخرى ترفيهية إبان الدولة الفاطمية حيث راح الأطفال يطوفون الشوارع والأزقة حاملين الفوانيس ويطالبون بالهدايا من أنواع الحلوى التى ابتدعها الفاطميون ، كما صاحب هؤلاء الأطفال – بفوانيسهم – المسحراتى ليلاً لتسحير الناس ، حتى أصبح الفانوس مرتبطاً بشهر رمضان وألعاب الأطفال وأغانيهم الشهيرة فى هذا الشهر.
وقد ظلت صناعة الفانوس تتطور عبر الأزمان حتى ظهر الفانوس الكهربائى الذي يعتمد في إضائته على البطارية واللمبة بدلا من الشمعة، انتقلت فكرة الفانوس المصري إلى أغلب الدول العربية وأصبح جزءا من تقاليد شهر رمضان
المدفع والزينة :
ومع رؤية هلال رمضان تضاء المصابيح على جدران المساجد، والبيوت، وفي الشوارع، والحارات، وتعلن الفوانيس عن نفسها، فما من بيت إلا يعلق فانوساً، وما من طفل إلا يحمل واحداً وهو يغني أشهر أغنيات الشهر “وحوي يا وحوي”.
غير أن بريق الفوانيس في مصر آخذ في الخفوت؛ بسبب الظروف الاقتصادية، والضغوط الحياتية، التي يعيشها المصريون.
ولصوت المدفع في شهر رمضان معنى مختلف، فهو علامة انتهاء الصيام وعلامة بدئه، فقبيل أذان المغرب يلتف المصريون حول موائدهم منتظرين إذن المدفع لهم بالإفطار، فيما ينتظرون منه أمراً بالامتناع عن الطعام قبيل الفجر
اغانى الرمضانية :
يحفل شهر رمضان بتراث مميز من الأغاني الشعبية في مصر وتنقضي الأعوام وتتطور الأغنيات ويدخل عالم الغناء والطرب منشدين وأغنيات أخرى للشهر الكريم ، لكن تظل هذه الأغنيات التراثية ، وغيرها من التواشيح لا ينازعها منازع في وجدان وذاكرة الشعوب ، وكأن الصيام لا تكتمل روعته وصفاؤه إلا بها .
ومن أبرز تلك الأغانى “رمضان جانا” التى يقول مطلعها رمضان جانا.. وفرحنا به.. بعد غيابه وبقاله زمان.. غنوا معانا شهر بطوله..غنوا وقولوا أهلا رمضان ، وهى من أكثر الأغانى التى تملأ الأجواء بهجة من غناء الفنان الراحل محمد عبد المطلب وكلمات “حسين طنطاوى” ولحن “محمود الشريف”.
من أشهر أغانى رمضان أغنية مرحب شهر الصوم ، و من غناء المطرب الراحل عبد العزيز محمود مرحب شهر الصوم مرحب.. لياليك عادت بآمان..بعد انتظارنا وشوقنا جيت يا رمضان..مرحب بقدومك يا رمضان..إن شا لله نصومك يا رمضان .
ومن الأغانى المحببة للجميع “أهلا رمضان” للمطرب محمد عبد المطلب ، وحالو ياحالو لصباح وأغنية “سبحة رمضان لولى ومرجان” لفريق الثلاثى المرح وفاء وصفاء وثناء، ومن أغانى هذا الفريق أيضًا “أهو جه ياولاد” و”وحوى يا وحوى”وكانت معظم الحفلات وخاصة ليالى رمضان تستهل فقراتها بالثلاثى المرح، حيث يضفين البهجة والسعادة على الحفل .
وأغنية المطربة شريفة فاضل “تم البدر بدرى” التى تدمع العيون فى وداع شهر رمضان حين تسمعها ، وأغنية يابركة رمضان خليكى فى الدار، والتى غناها المطرب محمد رشدى
.
موائد الرحمن :
وموائد رمضان على وجه العموم تحفل بالحلويات والمشروبات وغيرهما التى سجلتها بعض الأغنيات التى يقول مطلعها : جبت لنا معاك الخير كله، م الصبح نقوم ونحضرله، بالقمر الدين وبلح على تين ، م المغرب للمدفع واقفين . ويعد الفول أول الأطباق ولا تكاد تخلو منه مائدة رمضان ، ويتفنن المصريون في عمل أصناف منه حيث تحرص عليه كل أسرة وخاصة في السحور .
ومن أشهر الحلويات : الكنافة ، القطايف ، أم على ، اما المشروبات فأشهرها العرقسوس و الكركديه ، التمر الهندى ، قمر الدين ، الخرُّوب .
ويحرص المصريون في هذا الشهر على التراحم، فيتبادلون عزائم الإفطار والسحور، ويصلحون بين المتخاصمين، كما أنهم يحرصون على اصطحاب المصحف معهم إلى كل مكان، فتجدهم يقرؤون القرآن في المواصلات، وفي الجامعات، وحتى في أماكن العمل.
وفي أواخر الشهر تضرم الأفران نارها؛ استقبالاً للكعك والبسكويت، رمزي عيد الفطر، كما تسهر العائلات رجالاً ونساء في البيوت لإعداد كعك العيد هذا.
ومع الإعلان عن انتهاء أيام رمضان تبدأ الاحتفالات بالعيد منذ المساء؛ فيخرج الناس للشوارع والمقاهي انتظاراً لصلاة العيد، ثم يعودون لبيوتهم وهم يتساءلون هل سيشهدون الصوم المقبل؟
أم أنهم سيقضونه في رحاب الله؟