بقلم / مى غانم
تخيل أنك استيقظت في يوم من الأيام ولم تجد شئ غالي ونفيس لديك ، بدون سابق إنذار ، حينها تعتريك الصدمة و بداخلك الآف الأسئلة ، ما الذي ينبغي عليك أن تفعله ، هل تبحث عنه؟؟ أم تخبر من هو لديه القدرة على إعادته إليك ؟؟ ، قد تنجح في ذلك وقد تخفق ويكون الفشل هو حليفك ، قد تكون صدمتك عارمة فيما فقدته ولا تتخيل الحياه بدون ذلك الشئ .
لكن ماذا إن فقدت القدرة عن مجرد الشكوي يأتي من يسرقك ويستولي عليك، ويقهرك الجبروت الذي في عيناه ، ينظر لك وهو يسرقك ،و لا تملك حتي صوت تستطيع به أن تشكو أو تصرخ لتعلن عن اللام التي تنهش قلبك .
مشكلة كثيرا ما نستمع إليها ، و نشاهدها من خلال حاجز زجاجي يعكس مجرد صورة ، أقصى مجهود قد نبذله أن تدمع عينانا أو تتساقط عبراتنا ، وبمجرد إنتهاء القصة نعود لحياتنا اليومية غير مبالين بمن هو يتألم ويزرف دما لا دمعا.
زواج القاصرات ، مشكلة كثيرا ما ونتأثر بها ، لكن لا نضع أنفسنا موضع طفلة ، خطفت طفولتها ،وانتهكت برائتها، عرفت معني الخوف قبل أن تدرك معني الحياه والأمان ، أصبحت أما قبل ان تصبح شابة .
جريمة بلا عقاب، جريمة يرتكبها جناه ، ولا يحاسبون ، ولا ينظر لهم المجتمع ببنت شفة ، يلصقونها بعبائة الدين حتي يرضون ضمائرهم التي فارقت الحياة منذ زمن طويل .
فالطفلة الزوجة ، تفارق أحضان عرائسها ، لتجد نفسها ملقاه داخل المجهول ،في كهف مظلم ، لا تعرف ما ينبغي عليها أن تفعل ، تصرخ بأصوات تسمعها الأذان وتغفلها القلوب ، تنظر إلى نفسها في المرآه ،تعكس المرآه حطام إنسان ، تأبي أن تعكس قلبها في تعكس واقعها فقط، لتجد بقايا طفولة مشتتة ، قهرها كل من حولها قرها رجلا قرر أن يلقي بها في بئر الظلام ، وهو يعتقد أنه الستر والسعادة ، لكن في واقع الأمر هو متيقن من أن السعادة الحقيقية ستعود عليه ، إثر المبلغ الذي يدفعه المغتصب ، لشراء وردة لا تزال تتفتح ،ليطفئ شموع أحلامها، ليستمتع هو يراها تذبل ، وتتحطم كل يوم وهو يراها بأعين الذئب المليئة بالجحود والظلم والقسوة.
تأكل الأيام هذه الطفلة ، كتآكل النيران للقماااش ، كل يوم يحترق بها جزء ، حتي تصبح أشد قهرا ممن قهرها ، وتقسو أكثر مما قسوا عليها ، تعلم الكره ولم تكن ذاقت الحب من قبل ، فمن نشأ بلا رحمة حين يشتد ويكبر ، لن يرحم ولن يغفر .
تكشر عن أنيابها ، فهي كثيرا ما صرخت ولن يستجيب لها أحد ، كثيرا ما بكت بلا جدوي ، كثيرا ما توسلت لما أطلق عليهم المجتمع بالخطأ أبا وأما ، ولم يلتفتوا لها أو تأخذهم الرحمة بتلك الضعيفة، كثيرا ما ترجت ذلك الذئب الذي يعتبره المجتمع زوج ، ولكن كيف لذئب أن يستجيب لفراشة لا حول لها ولا قوة ، إمتلكها تحت مسمي الزواج ، والحقيقة أنه إعدام بلا عقاب وقهر بلا رحمة .
الجميع تآمر على جريمة مكتملة الأركان ، ذبحوها وجلسوا يشاهدون نزاعها مع الموت،ولم يكتفوا بذلك فحسب، بل ظلوا يمثلوا بجثتها كل يوم ، ليتذكروا فعلتهم ويضحكون ، وكأن تلك الطفلة ، هي الشاه التي يأكلونها وهي لا تزال حيه .
أحيانا يكون الحيوان أكثر رحمة من الإنسان ، فالقط لا يترك أحد ينتشل منه صغاره ، قبل أن يتأكد أنهم أصبحوا قادرين على مواجهة الحياه بمفردهم ، أما نحن نلقي بهم بقسوة ، ليأخذهم من هم أكثر قسوة و قهر ، تحاسب علي ذنب لا تقترفه ، فتقف حائرة هل تكره كونها أنثي ، أم تكره من ظلموها وقهروها ، وتصبح أشد عدو لكل الرجال .
فالطفلة التي نسميها زوجة ، لم تعتد سوي القسوة والظلم والقهر والكبت ، فكيف لها أن تربي أطفال سيصبحون هم الغد ، وكيف لها أن تحلم معهم بمستقبل ، وهي ماضيها ملئ بالعذاب والجراح ، وحاضرها قسوة و جحود ، ومستقبلها ظلام لا أمل لها في بصيص ضوء ينير لها قسوة الظلام التي عاشت ولا تزال تحيا بداخله .